الجمعة، 4 مايو 2012

وائل قنديل : دم المصرى.. وعرق العسكرى

 
لا جديد.. المجلس العسكرى يعزف على وتر عزل الشعب عن القوى الثورية بحديث عاطفى يربط بين الجيش كمؤسسة هى ملك الشعب بالفعل، وبين المجلس العسكرى الحاكم الذى يقوم مقام رئيس الجمهورية الآن.
إن مؤتمر اللواءات الثلاثة عبر بخفة شديدة على الدماء التى سالت فى العباسية، والتى هى امتداد للدماء التى أريقت فى ماسبيرو ومحمد محمود ومجلس الوزراء وبورسعيد، ليواصل عملية الانفراد بالشعب، ودغدغة عواطفه بخطاب مكرر لدرجة الحفظ.
ولا خلاف فى أن الشعب يثق فى الجيش ويحبه، وباعتبارى واحدا من هذا الشعب فقد قلتها وأكررها الآن : شرف لى أن أعمل فى حمل أحذية الجنود إذا كانوا ذاهبين لقتال من أجل حماية مصر من عدوان خارجى، لكن حين تتحول هذه الأحذية لأدوات قتل وتنكيل بثوار وثائرات من خير من أنجبت مصر يجب أن نصرخ بأعلى الصوت «يسقط حكم العسكر» حبا فى الجيش وصونا لقدسية مهمته الأساسية والأصلية فى حماية تراب مصر.
أما الإلحاح على أن الشعور الوطنى حكر على المؤسسة العسكرية فقط، فهذا نوع من تزييف الوعى، والمزايدة، كون الثوار الذين كانوا سببا فى وصول مجموعة المجلس العسكرى لقمة هرم السلطة لا يقلون وطنية أو حبا لوطنهم عن حضرات السادة اللواءات.. كما أن الأصوات الإعلامية المعارضة لسياسات المجلس وطريقة إدارته للبلاد ليست أقل انتماء لهذا البلد، وحرصا على سلامته وازدهاره من الجنرالات.
وإذا كان أعضاء «العسكرى» يعتبرون التصفيق لهم ولخطابهم معيارا للوطنية والانتماء، فهذا معيار خاطئ ومعوج ومسيئ للدولة والشعب معا، ذلك أن زمن الإعلام المصفق الصفيق قد ولى.
لقد لوح السادة اللواءات بقانون الطوارئ مرة أخرى، وقال عضو المجلس العسكرى اللواء ممدوح شاهين إن قانون الطوارئ لم يتم إلغاؤه وسيتم استخدامه عند الضرورة فى لهجة تهديد واضحة، وهذا تراجع مخيف عما سبق وأعلنه المشير طنطاوى قبل مليونية إحياء الذكرى الأولى للثورة فى الخامس والعشرين من يناير الماضى بساعات، فمن نصدق : رئيس المجلس أم أحد أعضائه؟
لقد قال أعضاء المجلس فى مؤتمرهم الصحفى أمس إن الدم المصرى غال، وهذا ما لا يختلف عليه أحد، لكننا نتمنى أن يكون غاليا بالقدر نفسه الذى يتمتع به عرق المجلس العسكرى، الذى أعلن اللواء محمود نصر فى لقاء مع الإعلاميين نهايات مارس الماضى «سنقاتل على مشروعاتنا وهذه معركة لن نتركها.. العرق الذى ظللنا ٣٠ سنة لن نتركه لأحد آخر يدمره، ولن نسمح للغير أيا كان بالاقتراب من مشروعات القوات المسلحة».
لقد تحدث لواءات العسكرى، أمس، عن أن القوات المسلحة ملك للشعب، وهذا جيد وجميل، لكنه يتعارض مع ما قاله اللواء نصر من أن «هذه ليست أموال الدولة وإنما عرق وزارة الدفاع من عائد مشروعاتها ولن نسمح لأحد بالاقتراب منها» فمن نصدق مرة أخرى؟
وفى مناخ غامض ومرتبك مثل هذا لا يبقى إلا أن نقول للقوى السياسية: توافقوا أو موتوا.

0 التعليقات:

إرسال تعليق