تدوينة توثيقية لشهداء "نجع حمادي".. حادثة 6 يناير 2010
- كانت تلك هي الزيارة الاولي بالنسبة لي لأهالي اي من شهداءنا، وعلي الرغم من سعادتي البالغة بهذه الزيارة وتحمسي لها من بداية الفكرة الا انه كان يراودني خوف وقلق شديد كلما اقترب موعد رؤيتهم..كان الخوف والقلق من النظر في عينهم..وتدور حولي الاسئلة..كيف سيستقبلوننا؟؟، هل مرحب بنا ام لا؟؟، ماذا سأقول لهم ومن اين ابدأ حديثي؟؟...
- فعلي الرغم من مرور السنوات علي حادثة "نجع حمادي" الشهيرة في ليلة العيد وسقوط الضحايا الابرياء، لم تشفع هذه السنوات في فقد الابن الذي ترك خلفه الاب والام المكلومين وأخ وأخت، أو ترك زوجه ترملت تاركا لها أبناء في عمر الزهور تيتموا مبكرا..
- قررت أن أوثق هذه الزيارة لتكون ملجأي وعزائي الوحيد في أن ألقي عليه نظرة دائما أتذكر حق شهداءنا الأبرياء..
- بدأت زيارتنا لـ"نجع حمادي" في منتصف ليل الجمعة 4 مايو ليصل بنا القطار في صباح يوم السيت 5 مايو، ومن اول خروجنا من المحطة نجد بقايا النظام الفاسد يلاحقنا من أزمة البنزين والسولار والمحافظ الذي لم يقدم شئ لاهالي البلدة، لكني لن اطيل عليكم بسرد هذه المشاكل حاليا او بتفاصيل تحركنا..
- الشهيد "بولا عاطف" والشهيد "بيشوي فريد" :-
- بعد الراحة تحدثنا الي والد الشهيد "بولا عاطف" كان في انتظارنا اسفل منزله، وبرغم عدم قدرته في التحمل علي قدمه الا انه ابي ان يتركنا واصر علي استقبالنا من الشارع، مع الحظة دخولنا الي المنزل نجد صورة الشهيد "بولا" علي الحائط المقابل لباب الشقة، والده ادخلنا غرفته وااتي لايدخلها احد الان من بعده لنجد علي حائط الغرفة صورة له مع اختيه البنات وابنة اخته المولودة حديثا، لم نجد والدته التي كانت في عملها في المدرسة..
- تحدثنا الي والده..رجل بسيط يتكلم بعفوية..اهم ماقاله انه بعد موت "بولا" لم يعد يهمه اي شئ حتي لو الدنيا "ولعت" علي حد قوله..
- ارادنا زيارة والدة "بولا" والتي تعمل بها بالصدفة ايضا والدة الشهيد "بيشوي فريد"
الشهيد "بولا عاطف" - 18 سنة - طالب بمعهد كمبيوتر - سوهاج
- ذهبنا الي المدرسة لرؤية والدة الشهيد "بولا" ووالدة الشهيد "بيشوي" كان استقبالهم استقبال رائع وجدنا اخت "بولا" تعمل ايضا في نفس المدرسة..كلمة "الحمد لله" هي الرد الوحيد علي الاحوال..لهم ابتسامة صافية راضية يشوبها بلا شك حزن دفين..
- تركنا المدرسة تاركين والدة "بولا" و"بيشوي" واخته بحزنهم الكامن بداخلهم المخفي عن العيون..
الشهيد "بيشوي فريد" - اصغر الشهداء - 16 سنة - أولي ثانوي
- الشهيد "أيمن زكريا" :-
- الشهيد "أيمن زكريا" :-
- اتجهنا الي زيارة منزل الشهيد "أيمن زكريا"، لا استطيع ان اوصف لكم مدي طيبة وصفاء هذه العائلة.. والده رجل كبير في السن ذو ابتسامة بريئة بكل معني الكلمة، الابتسامة لاتفارق وجهه، لديه محل او ورشة خراطة استقبلنا من امامها تحت المنزل كان "أيمن" يديرها له والان يديرها هو بنفسه..
- أدخلنا الي غرفة "أيمن" بنفس راضية وبنفس الابتسامة أخذ يمدح في "أيمن" بأنه كان بار بوالديه وكان طيب القلب..وكأن القدر قد ساقنا الي هناك لرؤية والدته التي تعرضت لحادث بسيط أدي الي بتر عقلة اصبعها ولكنها في صحة جيدة..المشكلة الوحيدة الي تقابل والده انه كان مؤمن علي "أيمن" في الورشة وبعد وفاته لم يحصل حتي الان علي مستحقات التأمين، هو لايريد الا حقه فقط..
- والد "أيمن" مؤمن بأن مايحدث سيأتي بحق ابنه وزملاؤه ومتيقن بـأن حقه لن يضيع ابدا..
الشهيد "أيمن زكريا" - 26 سنة - دبلوم صنايع - خراطة
- الشهيد "رفيق رفعت" :-
- الشهيد "رفيق رفعت" :-
- اتجهنا بعد ذلك الي منزل الشهيد "رفيق رفعت" قابلنا والده ووالدته وزوجته.. "رفيق" ترك خلفه طفلتين "مادونا" كي جي وان و"مريم" اولي ابتدائي، تركهم بدون معاش..
- زوجته كانت تعمل بمكتب البريد وهي وظيفة من الوظائف التي وزعت علي اهالي الشهداء وقتها، ولكنها تركتها بسبب المواعيد لتتفرغ للصغار، وهي تبحث عن عمل اخر يناسبها..
الشهيد "رفيق رفعت" - 28 سنة
- الشهيد "أبانوب كمال خليل" :-
- وصلنا الي منزل الشهيد "أبانوب كمال"..في المنزل كان والده الذي كان مجند في الجيش ووالدته المبتسمة دائما وأخوه "ديفيد" الطالب بكلية التجارة والذي يمتلك أيضا مشروعه الخاص به "مركز كمبيوتر"، ووجدنا الطفلة الجميلة ذات السنتين من العمر ابنة أخته التي تملأ المنزل بالمرح والسعادة وتعزي والدته في وحدتها..
- تحكي لنا والدته عن "أبانوب" الابن المحبوب من الجميع، من العائلة والاصدقاء والجيران..تتذكر المواقف الواحد يلو الاخر وتحكي لنا كيف كان اهل الشارع يقومون بتعطيله عن الذهاب للكلية ليقضوا معه اطول فترة ممكنة وكانت تلقي عليه نظرتها من الشرفة وتخاف ان لايلحق بمعاد قطاره..
- كان "أبانوب" فعلا جميل الوجه والملامح، لديه ابتسامة ساحرة تجعل كل من ينظر الي صورتع يبتسم تلقائيا..عائلة "أبانوب" عائلة جميلة تشبه وجهه الجميل..علي يسار الباب تجد صورة "أبانوب" المعلقة وأمامها الشموع تلقي بضوئها وظلالها عليها لتعطي لوجهه سحر من نوع أخر وكأنه ليس من عالمنا البشري..
الشهيد "أبانوب كمال خليل" - 19 سنة - كلية الحقوق - السنة الثالثة - جامعة قنا
- الشهيد "أيمن حامد هاشم" :-
- خرجنا من منزل الشهيد "أبانوب" تملؤنا السعادة ويغمرنا الامل والتفاؤل لنتوجه الي ختام زيارتنا في "نجع حمادي" الي منزل الشهيد "أيمن حامد هاشم"..أمين الشرطة المسلم الذي دفع حياته ثمنا لوجوده في مكان الحادثة، لتمتزج دماؤه مع دماء اخوته الأقباط لتصرخ الأرض من سيل دماء ابنائها الأبرياء..
- "أيمن" لديه زوجة و 3 أبناء بنت وولدين مبتسمين ومرحين وكأنهم لم يشعروا حتي الان بحكمة فراق أبيهم لهم، ولديه أخ يعول الزوجة والابناء..
الشهيد "أيمن حامد هاشم" - 28 سنة
- الشهيد "مينا حلمي" :-
- في مدينة "فرشوط" يكمن منزل اخر شهداءنا وهو "مينا حلمي".. ومن المعروف ان قرية "فرشوط" من القري الغير مستقرة أمنيا بسبب الصراع الدائر بين عائلتين، وبرغم ذلك أصرينا علي الذهاب اليهم..
- استقبلنا أخوه ليتقدمنا الي داخل المنزل البسيط، حيث تتواجد أمه وتعاني من مشكلة بسيطة في السمع اكتشفناها مؤخرا، وأخته "دميانة" - كم أعشق هذا الاسم - التي تعمل في احدي الوظائف الخاصة باهالي الشهداء وتتقاضي مبلغ 150 جنيها فقط في الشهر !!! .. والابتسامة وكلمة الحمد هي الحل والدافع الوحيد لمقاومة مصاعب الحياة..
الشهيد "مينا حلمي" - كان يعمل مع الشهيد "رفيق رفعت"
- في منزل "مينا" احسست بالشبة في الملامح بين الشهيد "أبانوب، بيشوي ومينا" لا أدري لماذا؟؟..لايفرق بينهم الا الاسم فقط..
- انتهت زيارتنا لشهداءنا، في كل منزل ندخله كنا نجد صورة الشهداء الستة..عرايس السماء..موضوعة صورهم علي الحائط..ترفرف أرواحهم في السماء..تركوا الأرض لينظروا الي اعلها من الاعلي بابتسامة المنتصر الظافر بمكانة السمو فهم "شهـــــداء"...
- نترك البلدة خلفنا ونترك المنازل كل الي داره وحياته تاركين خلفنا ستة بيوت تغلق أجفانها كل يوم علي دموع فراق الأبناء..غارقين في الحزن والألم لفقدان أعز الأحباب..ولعل عزاؤهم الوحيد هو لقب "الشـــهيد" الذي كرمهم الله به..فهم شهداء الله في لحظة غدر..شهداء النظام..سالت دماؤهم علي الأرض لتكتب لنا قصة وحياة جديدة..ارتوت بذور الأرض بالدماء الطاهرة لتنبت لنا أولي أغصان الحرية..
- ومهما مرت السنين وتوالت الدهور..سيظلوا دائما شهـــداء في "الذاكـــرة"..بل شهـــداء في "قلوبـــنا"
0 التعليقات:
إرسال تعليق