لا جديد.. النظام هو النظام والخارجية هى الخارجية، ومبارك لايزال موجودا، فلماذا نتوقع موقفا محترما من سفير مصر فى السعودية فى قضية المحامى أحمد الجيزاوى؟
لقد نطق السفير مرددا الرواية الرسمية السعودية بحذافيرها، وهى رواية لا تقنع طفلا، ومعلوم أنها اختلقت واخترعت على عجل، بعد اندلاع الغضب عقب إعلان اعتقاله فى المطار واتهامه بالعيب فى الذات الملكية.
إن السفير لم يختلف فى أدائه عن سلفه فى السعودية عام 1995 حين كان عمرو موسى وزيرا للخارجية، وجلد الطبيب المصرى محمد كامل لأنه صرخ دفاعا عن ابنه الذى تعرض للاغتصاب من قبل مواطن سعودى.
فى ذلك الوقت ضحت الحكومة المصرية وخارجيتها بكرامة مواطن، ظنا منها أنها تحمى مصالح الوطن العليا، فسقطت فى اختبار السياسة، كما سقطت فى اختبار الأخلاق، فكان أن حاول الخطاب الدبلوماسى التقليل من أهمية الواقعة وخطورتها، على أنها حالة فردية، وكانت قمة الانحطاط الحضارى عندما تحول الطبيب المصرى ــ الضحية ــ إلى متهم فى بعض وسائل الإعلام الحكومية المصرية، وبعد أن تعرض للجلد بالكرباج فى السعودية، جلدوه بسياط الكلام الوضيع فى مصر، ورأينا وسمعنا السيد مفيد فوزى ينهال على الرجل طعنا وتجريحا، ويلومه على أنه صرخ وتكلم وانتفض غضبا لما وقع لابنه الطفل، ووصلت البجاحة منتهاها عندما اتهموا والد الضحية بأنه الجانى كونه تحدث ففضح ابنه، بينما كان يجب عليه أن يبتلع الإهانة والمذلة ولسانه ويصمت ولا ينطق بكلمه.
وإذا كان ذلك ممكنا فى ظل نظام كان يفاخر بأنه يهتم بالمبلغ أكثر من اهتمامه بالمبدأ، وينشغل بالثمن على حساب القيمة، ويمد يده هنا وهناك، فإن هذا النظام من المفترض أنه سقط، بفعل ثورة قامت من أجل الكرامة الإنسانية، وكان من المتوقع أن نرى رد فعل مختلفا فى اختبار الجيزاوى، غير أن الإجابة جاءت من أرشيف الأداء الدبلوماسى المصرى، ووجدنا السفير يردد ما يملى على مسامعه من قبل السلطات السعودية.
ومرة أخرى.. سعر المواطن يتحدد بالعملة المحلية، حيث يكتسب قيمته من وضعه داخل حدود بلده، فإذا كان مهانا مسحولا فى بيته، فكيف نتوقع أن يكون مكرما وعزيزا فى الخارج؟
إن سلطة ألقت بثوار وثائرات فى القمامة على مرأى ومسمع من العالم كله، من العبث أن ننتظر منها شيئا غير التصريحات الوردية الكاذبة عندما يهان مواطن مصرى فى الخارج.
لقد ألقوا بأنبل ما فى شباب مصر فى قمامة الداخل، فلماذا نتوقع تعاملا مختلفا على مستوى الخارج؟
0 التعليقات:
إرسال تعليق